Rechercher dans ce blog

samedi 3 juin 2017

مقال بعنوان " تصفية حسابات على أرض أفغانستان ..؟! " بقلم المدون نورالدين الجزائري


تصفية حسابات على أرض أفغانستان ..؟!

كانت ولا تزال أفغانستان ارض صراعات سرية وعلنية ما بين قوى المنطقة وخاصة قوى الاختلال العابرة للقارات، فمنذ سقوط حكم طالبان في 2001م على يد امريكا وبعد الحلفاء ازاء هجمات سبتمبر عليها، فالبلد في حرب مستعرة بتفاوت وحسب الاجندات والتخطيطات مع المحتل الجديد بعد طرد السوفيات، فبعد ان كانت حركة طالبان هي القوة الوحيدة ضد التحالف الدولي على ارض أفغانستان، اذ مُذ أعوام قليلة ظهرت قوة اخرى معادية لكل من توجهات طالبان وللوجود الغربي في المنطقة، فالصراع اضحى بوجهين، ايديولوجي ووجودي ..
فبعد ان كانت المواجهة من طرف العرب مع طرف أوحد معروف السياسة والتوجه، فإذا به يتفاجأ ببروز الدولة الاسلامية وتوسّعَها من خلال ولاية جديدة أعدتها ولاية خُرسان، فهدف الولاية واضح المعالم وهو الدخول في حرب مع الجميع لإخضاعهم لمعتقدها وسياساتها او المواجهة الشاملة، فلم تستثني بذلة ولاية خُرسان كلّ من الحكومة المركزية في كابل وكذا حكّام اسلام أباد الموالين للوجود الغربي والحكومة "المنتخبة" في أفغانستان، فالأوراق أضحت مختلطة من جديد بعد ظهور قوة ثانية تناهض على ارض الباشتون والاوزبك والهزارة حركة وطنية بأيديولوجية إسلامية، فطالبان من هذا الخليط الوطني والذي قالت تقارير مؤخرا ان الحركة على اتصال مع امريكا وروسيا للخروج بالبلد من حربه وصراعاته الطويلة، وتمكينها من المشاركة في حكم أفغانستان بمباركة إقليمية وعلى رأسها باكستان وإيران وروسيا، وبمثل هذا الاتفاق سينعكس طبعا بشكل غير ايجابي على ولاية خُرسان، فمنه سيجتمع الكل عليها وحصرها ومحاربتها الى هزيمتها او "استئصالها في قاموس الاعراف التحالفية ..
فطالبان وولاية خُرسان اليوم في عداء وحرب مستعرة وسيزيد الخصوم من اُوّارها مستقبلا، وهما أيضا في حرب على التواجد الغربي في البلد، وكل منهما يسعى لبروز نجمه من خلال عمليات نوعية في قلب كابل خاصة وإلحاق اكبر ضرر بالعدو من التحالف الغربي، فالعمليات التفجيرية بالسيارات المفخخة من تخصص ولاية خُرسان وذلك لقلّة عددها في صفوفها وتجنب الاحتكاك المباشر إلاّ عن طريق كمائن محكمة تلحق بالعدو الأهداف المرجوة، وسرعان ما تتبنى ولاية خُرسان عملياتها بعد ساعات قليلة من حدوثها امّا عبر وكالة اعماق او عبر بعض القنوات على التلغرام او ما شابه ذلك، فعملية كابل اليوم في الحي الدبلوماسي بقلب العاصمة وفِي موقع جد محصّن من تواجد لسفارات دول التحالف الغربي يضع علامات استفهام كبيرة وكثيرة حول منفّذ العملية، فقد أسفر الهجوم بسيارة او شاحنة مفخخة امام سفارات ألمانيا وفرنسا وبعض البعثات الدبلوماسية الاخرى عدّة إصابات منها عشرات القتلى والجرحى في الحيّ، الشيء الذي حيَّر المراقبين كيفية الوصول الى قلب هذا الحي الحساس عبر تجنب عشرات نقاط التفتيش ومن ثمة التفجير، ومن غير العادة ان حدثا مثل هذا لا تتبناه اي جهة معنية بالصراع، اذ بطالبان في الدقائق الاولى من التفجير نفت صلتها بالعملية وشجبته ونددت به، ولازال صمت ولاية خُرسان الى حد الساعة فاتحا لأبواب التكهنات ومن وراء العملية ان لم تتبناها عن طريق وكالاتها الإعلامية المعروفة.
فالمتتبع للشأن الافغاني وما يُطبخ له منذ مجيء دونالد ترامب للبيت الأبيض يلاحظ غربلة الوجود الامريكي في البلد وإعادة صياغة مفهوم دور الحلف الأطلسي بأجندات أمريكية جديدة، فاجتماع ترامب مؤخرا بقادة حلف الناتو في بروكسل كان له تاثيرات مهمّة على ميزانيات الدفاع لبعض الدول المشاركة في الحلف، فقد امر الرئيس الامريكي زيادة الإنفاق وان امريكا لا يمكن تحمّل تبعيات الإنفاق خارج إطار الحلف وخاصة في الشرق الاوسط وبعض دول آسيا، فاقترح زيادة الموازنة لتصبح 3% حتى يتمكن حلف الناتو من تحمّل تداعيات الحرب على الدولة الاسلامية خاصة، الامر الذي رفضته كل من المستشارة الألمانية ميركل وبعض التحفضات من رئيس فرنسا الجديد ماكرون، فترامب عاد من اجتماعه بقادة حلف الناتو غير راضٍ على النتائج والطموحات والاهداف المرجوة من الاجتماع، فقد نشب شبه تلاسن بعد هذا الاجتماع خاصة مابين ميركل وترامب، وان المانيا هدّدت بالانسحاب من قاعدة انجرليك للناتو والتي هي تحت إمرة امريكا والتوجه نحو الاردن مرحليًا، وكذا مخاطبة الأوروبيين الاعتماد على النفس في مجال الأمن خاصة وعدم التركيز على امريكا وبريطانيا في ذلك، فالأمور أصبحت غير مألوفة سياسيا وعسكريا بين أعضاء حلف الناتو وأمريكا وسياستها الجديدة من حيث الزيادة في موازنة الحلف صاعدا ..
فقد لفت انتباهي من ايّام قليلة خروج الرئيس الأسبق لافغانستان حامد كرزاي، والذي يحمل الجنسية الامريكية بكلام ساذج ولكن ذو ابعاد خطيرة، الشيء الذي تأكد اليوم من خلال عملية الحي الدبلوماسي في كابل، اذ قال : ان داعش من صناعة امريكا .. وكيف له ان يتكلّم بكلام أكبر منه ومن باب اغضاب امريكا والتي أتت به حاكما لافغانستان لمدة سنين على ظهر دباباتها ان لم تكن سمحت له بذلك بإخراج كلام كهذا لخلط الأوراق من جديد، والضغط بعملية كهذه في وسط محيط أمني شديد التعقيد للوصول اليه ومن ثمةّ ضربه بكل هذه السهولة، فلا اريد التسرع في من وراء العملية اليوم في الحي الدبلوماسي، ولكن كل المؤشرات والمعطيات تشير الى ان المنفّذ للعملية يد استخباراتية طويلة التحرك وسريعة التنفيذ وباحترافية عالية، فليس من العبث ما قاله حامد كرزاي ان داعش من صناعة امريكا، ومن خلال ذلك يمكن قراءة المشهد من عدة جوانب سياسية ومخابراتية، فالكل يعلم ان امريكا هي العدو اللدود للدولة الاسلامية، وان كلاما كهذا مفاده وخارجه واحد وهو يمكن غض الطرف الاستخباراتي عن بعض المنشآت الحيوية وبذلك يسهل على داعش الوصول اليها وضربها بكل قوة ..
فالأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت والتحالفات حتى داخل حلف الناتو، والأمور متّجهة الى انقسامات سياسية غربية كبيرة حول مستقبل الحلف من وجوده، فالجميع منهك والخزائن فارغة من التمويل، والاستنزاف أتى أكله نوعًا ما، فهل رسالة التفجير اليوم في الحي الدبلوماسي في كابل نذر شؤم على الحلف برمّته، أم خطر "الإرهاب" سيحتم على الجميع التكاتف لصدّه وما هذه الأزمة الدبلوماسية داخله إلاّ سحابة عابرة، أم القوم امام تتحدٍ جديد من مستقبل الحلف، وأنّ الحرب على الارهاب أضحت خاسرة ومكلّفة وأنّ الامر بداية انطواء وانزواء ..!
السلام عليكم ..

====================
كتبه : نورالدين الجزائري
05
رمضان 14388هـ  الموافق ل 31/05/2017





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire